Ads by Smowtion

27/06/2011

المشهد التونسي بكل تفاعلاته و تضاريسه يُثير التعجب و الإندهاش!!!

المشهد التونسي بكل تفاعلاته و تضاريسه يُثير التعجب و الإندهاش!!!
كما لو أنه لا شيء تغير على الساحة؟؟
آثرت أن أنطلق بالحديث على المشهد الفكري و الثقافي بعد ما جد بالأمس في العاصمة. الساحة الثقافية "الرسمية" من وزارة الثقافة إلى دور النشر و دور السنما التي تستحوذ عليها "رهـــــــــط" من المثقفين أغلبهم ليست لهم معرفة كبيرة بطبيعة الشارع التونسي


. فهؤلاء "المتمثقفين" و الفنانين أغلبهم يتكلمون الفرنسية دون العربية و همومهم هي المثلية الجنسية و تشيـئ [من شيئ] المرأة و الجنس و الإلحاد. المشكل الأكبر هو التمويل الخارجي الذي يتحصل عليه هاؤولاء, كما أن أغلبهم كانو يسبحون في فلك نظام زعبع. و غير بعيد عن ذلك المتأمل في برمجة المهرجانات الصيفية هذه السنة لا يٌلاحظ تغيير كبير من حيث الإختيارات و العروض المٌبرمجة على السنوات السابقة.

المشهد "التشريعي" و القانوني تستأثر به ما يُسمى "بهيئة تحقيق أهداف الثورة", هذه الهيئة التي هي اليوم فقدت كل مُبررات وجودها....و أصبح مجرد بقائها يٌمثل خطر كبير على تونس مستقبلا و تاريخا. هذه الهيئة التي أصبحت تتصرف كما لو أنها برلمان مٌنتخب و الواقع أنها هيئة مٌعينة تم تمريرها و تنصيب أعضاءها في ظرف حساس و دقيق, و لم تٌراعى أبسط القواعد العلمية و المهنية.

أما المشهد السياسي و الحزبي في تونس فهو يتسم بالتداخل و الفوضى..فعدد الأحزاب أصبح يُناهز المئة, غالبيتها هي أحزاب صورية ليس لها أي وزن في الشارع كما أنه ليس لها أي دور في الحياء السياسية. فبإستثناء المؤتمر من أجل الجمهورية و النهضة و حزب الشيوعي تبقى بقية الأحزاب مجرد أرقام في سجلات الداخلية,البعض منها أحزاب مٌراهقة و مرتبكة و تفتقر لأبسط مقومات العمل السياسي المنظم, أما البقية فهي لا تعدو كونها أحزاب و ليدة أمامها مشوار طويل من النضال و العمل...طبعا و أخرى أحزاب تجمعية صرفة ستلعب دور كبير في الفترة القادمة مستفيدة في ذلك من الدعم الحكومي و "الدساترة الجدد". هاؤولاء الدساترة قادرين على العودة من عدة مداخل لعل أهمها العمل الجمعياتي, فالجمعيات في تونس و طبيعة عملها مازالت لم تتغير هي الأخرى بإستثناء البعض منها المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان.

أما في ما يخص المؤسسة الدينية في تونس و المُتمثلة في المجلس الإسلامي الأعلى, إلى حد اليوم دورها يُثير القلق و التوجس...تقريبا دورها يقتصر على الحديث في الخسوفات و رئي الهلال!!!!
علماء و رجال الدين في تونس عملهم غير منظم بالمرة ممى جعل من مساجدنا منابر للإفتاء و للخوض في مسائل مٌعقدة لا طائل منها. كما أن الوزارة التي من مهامها تنظيم المساجد و السهر عليها أصبحت عاجزة عن القيام بذلك, و الإشكال الأساس هو في الوزارة ذاتها التي مازالت تتصرف بنفس الفلسفة و بنفس العقلية السابقة. كذلك هذه الوزارة "المُتمصوفة"
لا تحرك ساكنا أمام العديد من تجاوزات بعض المتمثقفيين الذين يتطاولون على كل شيء بدعوى حرية التعبير و الفكر. طبعا لكل الحق في قناعاته
و في فكره لكن ليس من حقهم الإستأثار بمنابر الإعلام و بالقرار السياسي
و بالدعم المالي الحكومي و كذلك الأجنبي.

الإقتصاد و أهم القطاعات الإنتاجية داخل البلد تستحوذ عليه كبريات الشركات
الفرنسية بالتواطئ مع الحكومة و مع البعض من العائلات "التونسية" النافذة.
فرنسا ساركوزي مازالت هي صاحبة اليد الطولى فهي تٌسيطر على قطاع الإتصالات, قطاع التأمين و البنوك و النقل...أما القطاع السياحي فلا شيء تغير من حيث طبيعته الإقطاعية بإستثناء أن الموسم هذه السنة سيكون مأساويا..
و في ما يخص الأداء الإقتصادي لفريق حكومة السبسي فهو أداء مرتبك يفتقر لأبسط مقومات المسؤولية, و بالأخص القررات المٌتعلقة بقضية التداين و التفريط في الأراضي الخصبة للمستثمريين الأجانب.

الوضع الإجتماعي داخل البلد مازال هو الآخر يٌحافظ على نفس التركيبة غير المتوازنة بين الجهات رغم المجهود الحكومي الكبير. كذلك المشاكل الإجتماعية و الصحية العويصة المرتبطة بإرتفاع معدلات الجريمة و تعاطي المخدرات و نسب التدخين المُرعبة في صفوف الأطفال. كذلك التفكك الأسري و إرتفاع نسب الطلاق و الهجرة غير الشرعية. و فوق كل ذلك المشكل الأهم ألا و هو البطالة التي هي أم المشاكل و هي التي أشعلت لهيب الثورة. و طبعا الإشكالية الأكبر في حاملي الشهادات العليا الذين تجود علينا بهم جامعاتنا "المرموقة". هذه الجامعات الفرنكوفونية التي أصبحت تٌمثل جزء كبير من المشكل و لا تتقترح أية حلول عملية.

الإعلام و أهم المؤسسات الدعائية و الصحف و المجلات مازالت ترزح تحت أقدام أزلام "النظام" السابق و الأخطر من ذلك كله هو زحفهم "أي الأزلام"
على صفحات الفايسبوك و على منابر الإعلام الإفتراضي مما سيقلب طاولة المشهد الإعلامي رأسا على عقب. المشهد الإعلامي في تونس مازال لم يرق إلى مستوى الأحداث, و في ما يخص الفضائيات الخاصة في تونس فهي محطات تجارية مراهقة و لا تٌمثل المواطن التونسي بأي شكل من الأشكال.

أما في ما يخص المشهد الفايسبوكي فهو يشهد فوضى عارمة, حيث أصبح كل من هب و دب ينشأ في الصفحات و المدونات, الساحة أصبحت تعج بآلاف الصفحات, على كل لون يا كريمة, لكن من الملاحظ أن أهما و أكثرها تنظيما و إستمرارية هي تلك الصفحات المحافضة, التي كانت تنشط قبل الثورة.

القضاء و المؤسسات القضائية في البلد مازالت هي الأخرى تٌحافظ على تركيبتها المعهودة و إلى حد اليوم لم نر أي تغيرات كبيرة على السلطة القضائية داخل البلد. مطلب تحقيق إستقلالية القضاء و نزاهته هو أهم المطالب و أوكدها على الإطلاق. التقدم الكبير الذي حققه الشعب المصري يعود بالأساس إلى عامل إستقلال القضاء...الغريب في الأمر أنه إلا حد اليوم أهل القضاء أنفسهم أصبحو عاجزين كل العجز على إفتكاك حريتهم و نيل إستقلالهم. و هذا ما سينجر عنه إستحالة النيل من كل المتورطين في قتل و تعذيب التونسيين خلال الثورة و قبلها.

المؤسسة الأمنية كذلك إلى حد اليوم مازالت تٌواجه تحديات كبيرة تُقوض كل مٌحاولات الإصلاح و مٌحاسبة المتورطين. كذلك يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق الأمن و إرساء الإستقرار المنشود. الإدارة التونسية هي الأخرى مازالت تتميز بالكثير من المحسوبة و الرشاوي كما أن العديد من الوجوه السابقة مازالت تحافظ على مكاناتها و عن صلاحياتها.

المؤسسة العسكرية و الجيش الوطني الذي نوجه له التهاني بمناسبة الذكرى الخامسة و الخمسين لإنبعاثه. في إعتقادي الجيش الوطني لعب
و مازال يلعب دور كبير في حماية حدود الوطن و صون كرامة التونسيين. من المؤكد أنه فمة تنسيق كبير بين المؤسسة العسكرية في تونس و بين قوات الناتو, لأن الموقف يقتضي ذلك. كل ما نتمناه هو أن يبقى الجيش محافظا على "حياده العلني" في خصوص الوضع السياسي.

في الأخير, المرحلة التي تعيشها تونس اليوم هي مرحلة مهمة للغاية تتطلب منا التحلي بالحس الوطني بعيدا عن العنف و عن كل أشكال التعصب. مرحلة هامة تتطلب منا الحذر الكبير و الشعور بالمسؤولية, تونس اللتي جذورها ضاربة في القدم, أكثر من ثلاثة آلاف سنة, و للأسف يٌريد البعض عبثا حصر تاريخها في المئة سنة الأخيرة. في إعتقادي أن أكبر خطر يهدد تونس اليوم هو التدخل الأجنبي و بالأخص التدخل الفرنسي.